الجمعة، 4 ديسمبر 2015

مختارات من مدارج السالكين، المجلد الثاني، ت بشير عيون، النص من المكتبة الشاملة



- لَا يَسْتَحِقُّ الْعَبْدُ اسْمَ الزُّهْدِ حَتَّى يَزْهَدَ فِيهَا. وَهِيَ الْمَالُ، وَالصُّوَرُ، وَالرِّيَاسَةُ، وَالنَّاسُ، وَالنَّفْسُ، وَكُلُّ مَا دُونُ اللَّهِ.21

- وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي الزُّهْدِ، كَلَامُ الْحَسَنِ أَوْ غَيْرِهِ: «لَيْسَ الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا بِتَحْرِيمِ الْحَلَالِ، وَلَا إِضَاعَةِ الْمَالِ. وَلَكِنْ أَنْ تَكُونَ بِمَا فِي يَدِ اللَّهِ أَوْثَقُ مِنْكَ بِمَا فِي يَدِكَ، وَأَنْ تَكُونَ فِي ثَوَابِ الْمُصِيبَةِ - إِذَا أُصِبْتَ بِهَا - أَرْغَبُ مِنْكَ فِيهَا لَوْ لَمْ تُصِبْكَ» . فَهَذَا مِنْ أَجْمَعِ كَلَامٍ فِي الزُّهْدِ وَأَحْسَنِهِ.21

- ثياب المرء في المنام تدل على قلبه وحاله .29

- وَقِيلَ: مَنْ شَهِدَ فِي إِخْلَاصِهِ الْإِخْلَاصَ، احْتَاجَ إِخْلَاصُهُ إِلَى إِخْلَاصٍ. فَنُقْصَانُ كُلِّ مُخْلِصٍ فِي إِخْلَاصِهِ: بِقَدْرِ رُؤْيَةِ إِخْلَاصِهِ. فَإِذَا سَقَطَ عَنْ نَفْسِهِ رُؤْيَةُ الْإِخْلَاصِ، صَارَ مُخْلِصًا مُخْلَصًا.99

- وَعَلَى قَدْرِ تَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ تَكُونُ صِحَّةُ التَّوَكُّلِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ مَتَى الْتَفَتَ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ أَخَذَ ذَلِكَ الِالْتِفَاتُ شُعْبَةً مِنْ شُعَبِ قَلْبِهِ. فَنَقَصَ مِنْ تَوَكُّلِهِ عَلَى اللَّهِ بِقَدْرِ ذَهَابِ تِلْكَ الشُّعْبَةِ وَمِنْ هَاهُنَا ظَنَّ مَنْ ظَنَّ أَنَّ التَّوَكُّلَ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِرَفْضِ الْأَسْبَابِ. وَهَذَا حَقٌّ. لَكِنَّ رَفْضَهَا عَنِ الْقَلْبِ لَا عَنِ الْجَوَارِحِ. فَالتَّوَكُّلُ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِرَفْضِ الْأَسْبَابِ عَنِ الْقَلْبِ، وَتَعَلُّقِ الْجَوَارِحِ بِهَا. فَيَكُونُ مُنْقَطِعًا مِنْهَا مُتَّصِلًا بِهَا.
127

- وَسَمِعْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ - قَدَّسَ اللَّهُ رَوْحَهُ - يَقُولُ: كَانَ صَبْرُ يُوسُفَ عَنْ مُطَاوَعَةِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ عَلَى شَأْنِهَا: أَكْمَلُ مِنْ صَبْرِهِ عَلَى إِلْقَاءِ إِخْوَتِهِ لَهُ فِي الْجُبِّ، وَبَيْعِهِ وَتَفْرِيقِهِمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِ. فَإِنَّ هَذِهِ أُمُورٌ جَرَتْ عَلَيْهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، لَا كَسْبَ لَهُ فِيهَا، لَيْسَ لِلْعَبْدِ فِيهَا حِيلَةٌ غَيْرَ الصَّبْرِ، وَأَمَّا صَبْرُهُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ: فَصَبْرُ اخْتِيَارٍ وَرِضًا وَمُحَارَبَةٍ لِلنَّفْسِ. وَلَا سِيَّمَا مَعَ الْأَسْبَابِ الَّتِي تَقْوَى مَعَهَا دَوَاعِي الْمُوَافَقَةِ. فَإِنَّهُ كَانَ شَابًّا، وَدَاعِيَةُ الشَّبَابِ إِلَيْهَا قَوِيَّةٌ. وَعَزَبًا لَيْسَ لَهُ مَا يُعَوِّضُهُ وَيَرُدُّ شَهْوَتَهُ. وَغَرِيبًا، وَالْغَرِيبُ لَا يَسْتَحِي فِي بَلَدِ غُرْبَتِهِ مِمَّا يَسْتَحِي مِنْهُ مَنْ بَيْنَ أَصْحَابِهِ وَمَعَارِفِهِ وَأَهْلِهِ. وَمَمْلُوكًا، وَالْمَمْلُوكُ أَيْضًا لَيْسَ وَازِعُهُ كَوَازِعِ الْحُرِّ. وَالْمَرْأَةُ جَمِيلَةٌ، وَذَاتُ مَنْصِبٍ. وَهِيَ سَيِّدَتُهُ. وَقَدْ غَابَ الرَّقِيبُ. وَهِيَ الدَّاعِيَةُ لَهُ إِلَى نَفْسِهَا. وَالْحَرِيصَةُ عَلَى ذَلِكَ أَشَدَّ الْحِرْصِ، وَمَعَ ذَلِكَ تَوَعَّدَتْهُ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ بِالسِّجْنِ وَالصَّغَارِ. وَمَعَ هَذِهِ الدَّوَاعِي كُلِّهَا صَبَرَ اخْتِيَارًا، وَإِيثَارًا لِمَا عِنْدَ اللَّهِ. وَأَيْنَ هَذَا مِنْ صَبْرِهِ فِي الْجُبِّ عَلَى مَا لَيْسَ مِنْ كَسْبِهِ؟

وَكَانَ يَقُولُ: الصَّبْرُ عَلَى أَدَاءِ الطَّاعَاتِ: أَكْمَلُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى اجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ وَأَفْضَلُ; فَإِنَّ مَصْلَحَةَ فِعْلِ الطَّاعَةِ أَحَبُّ إِلَى الشَّارِعِ مِنْ مَصْلَحَةِ تَرْكِ الْمَعْصِيَةِ. وَمُفْسِدَةُ عَدَمِ الطَّاعَةِ: أَبْغَضُ إِلَيْهِ وَأَكْرَهُ مِنْ مَفْسَدَةِ وُجُودِ الْمَعْصِيَةِ.
وَلَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي ذَلِكَ مُصَنَّفٌ قَرَّرَهُ فِيهِ بِنَحْوٍ مِنْ عِشْرِينَ وَجْهًا. لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِهَا.164
 - مما يعين على الصبر على البلاء انتظار روح الفرج ، قال ابن القيم رحمه الله روح الفرج : يَعْنِي رَاحَتَهُ وَنَسِيمَهُ وَلَذَّتَهُ. فَإِنَّ انْتِظَارَهُ وَمُطَالَعَتَهُ وَتَرَقُّبَهُ يُخَفِّفُ حَمْلَ الْمَشَقَّةِ. وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ قُوَّةِ الرَّجَاءِ. أَوِ الْقَطْعِ بِالْفَرَجِ. فَإِنَّهُ يَجِدُ فِي حَشْوِ الْبَلَاءِ مِنْ رُوحِ الْفَرَجِ وَنَسِيمِهِ وَرَاحَتِهِ: مَا هُوَ مِنْ خَفِيِّ الْأَلْطَافِ، وَمَا هُوَ فَرَجٌ مُعَجَّلٌ. وَبِهِ - وَبِغَيْرِهِ - يُفْهَمُ مَعْنَى اسْمِهِ اللَّطِيفِ.174-175

- شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يرى استحباب الرضى ،ولا يرى وجوبه ،191،179

- وليس من شرط الرضى ألا يحس بالألم والمكاره، بل ألا يعترض على الحكم ولا يتسخطه، 183

- وَأَمَّا الرِّضَا بِقَضَائِهِ: فَأَكْثَرُ النَّاسِ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ. وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ. وَقِيلَ: بَلْ هُوَ وَاجِبٌ، وَهُمَا قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، فَالْفَرْقُ بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ فَرْقُ مَا بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّدْبِ.191

- {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} فَالتَّحْكِيمُ: فِي مَقَامِ الْإِسْلَامِ. وَانْتِفَاءُ الْحَرَجِ: فِي مَقَامِ الْإِيمَانِ. وَالتَّسْلِيمُ: فِي مَقَامِ الْإِحْسَانِ.199-200

- من الحكم في خلق الشر أن تظهر للعباد قدرة الله تعالى على خلق المتضادات. 201-210

- وَلَيْسَ الشَّأْنُ فِي الرِّضَا بِالْقَضَاءِ الْمُلَازِمِ لِلطَّبِيعَةِ. إِنَّمَا الشَّأْنُ فِي الْقَضَاءِ الْمُؤْلِمِ الْمُنَافِرِ لِلطَّبْعِ.212

- من فوائد الرضى بقضاء الله تعالى السكينة .213

- التَّحْقِيقُ: أَنْ قَلْبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّسَعَ لِتَكْمِيلِ جَمِيعِ الْمَرَاتِبِ، مِنَ الرِّضَا عَنِ اللَّهِ، وَالْبُكَاءِ رَحْمَةً لِلصَّبِيِّ. فَكَانَ لَهُ مَقَامُ الرِّضَا، وَمَقَامُ الرَّحْمَةِ وَرِقَّةُ الْقَلْبِ. وَالْفُضَيْلُ لَمْ يَتَّسِعْ قَلْبُهُ لِمَقَامِ الرِّضَا وَمَقَامِ الرَّحْمَةِ.216

- (عدلٌ في قضاؤك ) يعم قضاء الذنب، وقضاء أثره وعقوبته. 219

- أعمال الجوارح تضاعف إلى حد معلوم لأن لها حد تنتهي إليه، أما أعمال القلوب فهي دائمة متصلة.233


 - قال رحمه الله في منزلة الصدق : (فَإِنَّ قَلْبَ الصَّادِقِ قَوِيُّ الْإِحْسَاسِ. فَيَجِدُ الْغَيْرِيَّةَ وَالْأَجْنَبِيَّةَ مِنَ الضِّدِّ. وَيَشَمُّ الْقَلْبُ الْقَلْبَ كَمَا يَشَمُّ الرَّائِحَةَ الْخَبِيثَةَ. فَيَزْوِي وَجْهَهُ لِذَلِكَ. وَيَعْتَرِيهِ عُبُوسٌ. فَلَا يَأْنَسُ بِهِ إِلَّا تَكَلُّفًا. وَلَا يُصَاحِبُهُ إِلَّا ضَرُورَةً. فَيَأْخُذُ مِنْ صُحْبَتِهِ قَدْرَ الْحَاجَةِ، كَصُحْبَةِ مَنْ يَشْتَرِي مِنْهُ، أَوْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي مَصَالِحِهِ.286

 - وَلِكُلِّ مَرْتَبَةٍ مِنْ مَرَاتِبِ الْجُودِ مَزِيدٌ وَتَأْثِيرٌ خَاصٌّ فِي الْقَلْبِ وَالْحَالِ. وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ ضَمِنَ الْمَزِيدَ لِلْجَوَادِ، وَالْإِتْلَافَ لِلْمُمْسِكِ.301

- أعظم معين على إيثار رضى الله تعالى أمران : الزُّهْدُ فِي الْحَيَاةِ وَالثَّنَاءُ. وَمِلَاكُ هَذَيْنِ الشَّيْئَيْنِ بِشَيْئَيْنِ: صِحَّةِ الْيَقِينِ. وَقُوَّةِ الْمَحَبَّةِ.
وَمِلَاكُ هَذَيْنِ بِشَيْئَيْنِ أَيْضًا: بِصِدْقِ اللَّجَأِ وَالطَّلَبِ، وَالتَّصَدِّي لِلْأَسْبَابِ الْمُوصِلَةِ إِلَيْهِمَا.306


- وَحُسْنُ الْخُلُقِ يَقُومُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَرْكَان ، لَا يُتَصَوَّرُ قِيَامُ سَاقِهِ إِلَّا عَلَيْهَا: الصَّبْرُ، وَالْعِفَّةُ، وَالشَّجَاعَةُ، وَالْعَدْلُ.
وَمَنْشَأُ جَمِيعِ الْأَخْلَاقِ السَّافِلَةِ، وَبِنَاؤُهَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ: الْجَهْلُ. وَالظُّلْمُ. وَالشَّهْوَةُ. وَالْغَضَبُ.312-313


- للعبد أحد عشر مشهدا فيما يصيبه من أذى الخلق :
الرضى بالقدر
الصبر
العفو والحلم
الرضى، وهو فوق الحلم
الإحسان ، وهو فوق الرضى
السلامة وبرد القلب
الأمن
الجهاد
النعمة، أن جعله مظلوما لا ظالما ، ونعمة التكفير بهذا الأذى إلى غيرها
الأسوة بالرسل
التوحيد . 325-331

- فتوة التغافل أرفع من فتوة الكتمان مع الرؤية. 351

- وَقِيلَ: مِنْ صِفَاتِ الْمُرِيدِ: التَّحَبُّبُ إِلَى اللَّهِ بِالنَّوَافِلِ، وَالْإِخْلَاصُ فِي نَصِيحَةِ الْأُمَّةِ، وَالْأُنْسُ بِالْخَلْوَةِ، وَالصَّبْرُ عَلَى مُقَاسَاةِ الْأَحْكَامِ، وَالْإِيثَارُ لِأَمْرِهِ، وَالْحَيَاءُ مِنْ نَظَرِهِ، وَبَذْلُ الْمَجْهُودِ فِي مَحْبُوبِهِ. وَالتَّعَرُّضُ لِكُلِّ سَبَبٍ يُوصِّلُ إِلَيْهِ. وَالْقَنَاعَةُ بِالْخُمُولِ. وَعَدَمُ قَرَارِ الْقَلْبِ حَتَّى يَصِلَ إِلَى وَلِيِّهِ وَمَعْبُودِهِ. 369
 - وَقَدْ يَهْجُمُ عَلَى قَلْبِ السَّالِكِ قَبْضٌ لَا يَدْرِي مَا سَبَبُهُ. وَبَسْطٌ لَا يَدْرِي مَا سَبَبُهُ. وَحُكْمُ صَاحِبِ هَذَا الْقَبْضِ: أَمْرَانِ.

 الْأَوَّلُ: التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ. لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَبْضَ نَتِيجَةُ جِنَايَةٍ. أَوْ جَفْوَةٍ. وَلَا يَشْعُرُ بِهَا.

 وَالثَّانِي: الِاسْتِسْلَامُ حَتَّى يَمْضِيَ عَنْهُ ذَلِكَ الْوَقْتُ، وَلَا يَتَكَلَّفُ دَفْعَهُ. وَلَا يَسْتَقْبِلُ وَقْتَهُ مُغَالَبَةً وَقَهْرًا. وَلَا يَطْلُبُ طُلُوعَ الْفَجْرِ فِي وَسَطِ اللَّيْلِ، وَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَمْضِيَ عَامَّةُ اللَّيْلِ. وَيَحِينَ طُلُوعُ الْفَجْرِ. وَانْقِشَاعُ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ. بَلْ يَصْبِرَ حَتَّى يَهْجُمَ عَلَيْهِ الْمَلِكُ. فَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ.

 وَكَذَلِكَ إِذَا هَجَمَ عَلَيْهِ وَارِدُ الْبَسْطِ: فَلْيَحْذَرْ كُلَّ الْحَذَرِ مِنَ الْحَرَكَةِ وَالِاهْتِزَازِ. وَلْيُحْرِزْهُ بِالسُّكُونِ وَالِانْكِمَاشِ. فَالْعَاقِلُ يَقِفُ عَلَى الْبِسَاطِ، وَيَحْذَرُ مِنْ الِانْبِسَاطِ، وَهَذَا

شَأْنُ عُقَلَاءِ أَهْلِ الدُّنْيَا وَرُؤَسَائِهِمْ: إِذَا مَا وَرَدَ عَلَيْهِمْ مَا يَسُرُّهُمْ وَيُبْسِطُهُمْ وَيُهَيِّجُ أَفْرَاحَهُمْ، قَابَلُوهُ بِالسُّكُونِ وَالثَّبَاتِ وَالِاسْتِقْرَارِ، حَتَّى كَأَنَّهُ لَمْ يَهْجُمْ عَلَيْهِمْ. وَقَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ فِي مَدْحِ الْمُهَاجِرِينَ:

 لَيْسُوا مَفَارِيحَ إِنْ نَالَتْ رِمَاحُهُمُ ... قَوْمًا. وَلَيْسُوا مَجَازِيعًا إِذَا نِيلُوا

378

- وَقَالَ ابْنُ مُبَارَكٍ: نَحْنُ إِلَى قَلِيلٍ مِنَ الْأَدَبِ أَحْوَجُ مِنَّا إِلَى كَثِيرٍ مِنَ الْعِلْمِ.380
- قال ابن القيم : (الصواب أن التوكل ثمرة اليقين ونتيجته ) . 400

- قَالَ ذُو النُّونِ: الْيَقِينُ يَدْعُو إِلَى قَصْرِ الْأَمَلِ، وَقَصْرُ الْأَمَلِ يَدْعُو إِلَى الزُّهْدِ. وَالزُّهْدُ يُورِثُ الْحِكْمَةَ، وَهِيَ تُورِثُ النَّظَرَ فِي الْعَوَاقِبِ.400



- وَفِي أَثَرٍ إِلَهِيٍّ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: (إِنَّ عَبْدِي - كُلَّ عَبْدِيَ - الَّذِي يَذْكُرُنِي وَهُوَ مُلَاقٍ قِرْنَهُ) .
سَمِعْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ - يَسْتَشْهِدُ بِهِ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: الْمُحِبُّونَ يَفْتَخِرُونَ بِذِكْرِ مَنْ يُحِبُّونَهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ .426
 
 - الغفلة ترك بِاخْتِيَارِ الْغَافِلِ، وَالنِّسْيَانَ تَرْكٌ بغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} وَلَمْ يَقُلْ: وَلَا تَكُنْ مِنَ النَّاسِينَ، فَإِنَّ النِّسْيَانَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ التَّكْلِيفِ فَلَا يَنْهَى عَنْهُ.433

 
- قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -  : وَاتَّفَقَتْ كَلِمَةُ الْقَوْمِ عَلَى أَنَّ دَوَامَ الِافْتِقَارِ إِلَى اللَّهِ - مَعَ التَّخْلِيطِ - خَيْرٌ مِنْ دَوَامِ الصَّفَاءِ مَعَ رُؤْيَةِ النَّفْسِ وَالْعُجْبِ، مَعَ أَنَّهُ لَا صَفَاءَ مَعَهُمَا.441


- وَالْعَارِفُ الْبَصِيرُ يَجْعَلُ عِوَضَ مُجَاهَدَتِهِ لِنَفْسِهِ فِي تَرْكِ شَهْوَةٍ مُبَاحَةٍ: مُجَاهَدَتَهُ لِأَعْدَاءِ اللَّهِ مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ عَلَى الْقُلُوبِ.444

- وَمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: كَانَ فِي مَظْهَرِ الْجَلَالِ، وَلِهَذَا كَانَتْ شَرِيعَتُهُ شَرِيعَةَ جَلَالٍ وَقَهْرٍ. أُمِرُوا بِقَتْلِ نُفُوسِهِمْ، وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، وَذَوَاتُ الظُّفُرِ وَغَيْرُهَا مِنَ الطَّيِّبَاتِ، وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الْغَنَائِمُ. وَعُجِّلَ لَهُمْ مِنَ الْعُقُوبَاتِ مَا عُجِّلَ وَحُمِّلُوا مِنَ الْآصَارِ وَالْأَغْلَالِ، مَا لَمْ يَحْمِلْهُ غَيْرُهُمْ.
 وَكَانَ مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ أَعْظَمِ خَلْقِ اللَّهِ هَيْبَةً وَوَقَارًا. وَأَشَدِّهِمْ بَأْسًا وَغَضَبًا لِلَّهِ، وَبَطْشًا بِأَعْدَاءِ اللَّهِ، وَكَانَ لَا يُسْتَطَاعُ النَّظَرُ إِلَيْهِ.
وَعِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ فِي مَظْهَرِ الْجَمَالِ. وَكَانَتْ شَرِيعَتُهُ شَرِيعَةَ فَضْلٍ وَإِحْسَانٍ. وَكَانَ لَا يُقَاتِلُ، وَلَا يُحَارِبُ. وَلَيْسَ فِي شَرِيعَتِهِ قِتَالٌ أَلْبَتَّةَ. وَالنَّصَارَى يُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ دِينُهُمُ الْقِتَالَ. وَهُمْ بِهِ عُصَاةٌ لِشَرْعِهِ. فَإِنَّ الْإِنْجِيلَ يَأْمُرُهُمْ فِيهِ: أَنَّ مِنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الْأَيْمَنِ، فَأَدِرْ لَهُ خَدَّكَ الْأَيْسَرَ. وَمَنْ نَازَعَكَ ثَوْبَكَ. فَأَعْطِهِ رِدَاءَكَ. وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلًا. فَامْشِ مَعَهُ مِيلَيْنِ. وَنَحْوَ هَذَا. وَلَيْسَ فِي شَرِيعَتِهِمْ مَشَقَّةٌ، وَلَا آصَارٌ، وَلَا أَغْلَالٌ، وَإِنَّمَا النَّصَارَى ابْتَدَعُوا تِلْكَ الرَّهْبَانِيَّةَ مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ. وَلَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِمْ.456

 

- وَاتَّفَقَتِ الطَّائِفَةُ عَلَى أَنَّ مَنْ أَطْلَعَ النَّاسَ عَلَى حَالِهِ مَعَ اللَّهِ: فَقَدْ دَنَّسَ طَرِيقَتَهُ. إِلَّا لِحُجَّةٍ أَوْ حَاجَةٍ أَوْ ضَرُورَةٍ.459
 
- وَأَهْلُ هَذِهِ الطَّرِيق  يَقُولُونَ: إِنَّ الْوَارِدَ الَّذِي يَبْتَدِئُ الْعَبْدُ مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ وَالْهَوَاتِفَ وَالْخِطَابَ: يَكُونُ فِي الْغَالِبِ حَقًّا. وَالَّذِي يَبْتَدِئُ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ: يَكُونُ فِي الْغَالِبِ بَاطِلًا وَكَذِبًا. فَإِنَّ أَهْلَ الْيَمِينِ: هُمْ أَهْلُ الْحَقِّ. وَبِأَيْمَانِهِمْ يَأْخُذُونَ كُتُبَهُمْ. وَنُورُهُمُ الظَّاهِرُ عَلَى الصِّرَاطِ بِأَيْمَانِهِمْ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ، وَطَهُورِهِ وَشَأْنِهِ كُلِّهِ. وَاللَّهُ وَمَلَائِكَتُهُ يُصَلُّونَ عَلَى مَيَامِنِ الصُّفُوفِ. وَأَخْبَرَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ. وَحَظُّهُ مِنِ ابْنِ آدَمَ جِهَةُ الشِّمَالِ. وَلِهَذَا تَكُونُ الْيَدُ الشِّمَالِ لِلِاسْتِجْمَارِ، وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَالْأَذَى. وَيُبْدَأُ بِالرِّجْلِ الشِّمَالِ عِنْدَ دُخُولِ الْخَلَاءِ.

 وَمِنَ الْفُرْقَانِ أَيْضًا: أَنَّ كُلَّ وَارِدٍ يَبْقَى الْإِنْسَانُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ نَشِيطًا مَسْرُورًا نَشْوَانًا: فَإِنَّهُ وَارِدٌ مَلَكِيٌّ، وَكُلُّ وَارِدٍ يُبْقِي الْإِنْسَانَ بَعْدَ انْفِصَالِهِ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ، ثَقِيلَ الْأَعْضَاءِ وَالرُّوحِ، يَجْنَحُ إِلَى فُتُورٍ - فَهُوَ وَارِدٌ شَيْطَانِيٌّ.

 وَمِنَ الْفُرْقَانِ أَيْضًا: أَنَّ كُلَّ وَارِدٍ أَعْقَبَ صَاحِبُهُ تَقَدُّمًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالدَّارِ الْآخِرَةِ، وَحُضُورًا فِيهَا، حَتَّى كَأَنَّهُ يُشَاهِدُ الْجَنَّةَ قَدْ أُزْلِفَتْ، وَالْجَحِيمَ قَدْ سُعِّرَتْ - فَهُوَ إِلَهِيٌّ مَلَكِيٌّ، وَخِلَافُهُ شَيْطَانِيٌّ نَفْسَانِيٌّ.
وَمِنَ الْفُرْقَانِ أَيْضًا: أَنَّ كُلَّ وَارِدٍ كَانَ سَبَبُهُ النَّصِيحَةَ فِي امْتِثَالِ الْأَمْرِ، وَالْإِخْلَاصِ وَالصِّدْقِ فِيهِ - فَهُوَ إِلَهِيٌّ مَلَكِيٌّ. وَإِلَّا فَهُوَ شَيْطَانِيٌّ.
وَمِنَ الْفُرْقَانِ أَيْضًا: أَنَّ كُلَّ وَارِدٍ اسْتَنَارَ بِهِ الْقَلْبُ، وَانْشَرَحَ لَهُ الصَّدْرُ، وَقَوِيَ بِهِ الْقَلْبُ - إِلَهِيٌّ مَلَكِيٌّ. وَإِلَّا فَهُوَ شَيْطَانِيٌّ.
وَمِنَ الْفُرْقَانِ أَيْضًا: أَنَّ كُلَّ وَارِدٍ جَمَعَكَ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ مِنْهُ. وَكُلَّ وَارِدٍ فَرَّقَكَ عَنْهُ، وَأَخَذَكَ عَنْهُ: فَمِنَ الشَّيْطَانِ.
وَمِنَ الْفُرْقَانِ أَيْضًا: أَنَّ الْوَارِدَ الْإِلَهِيِّ لَا يُصْرَفُ إِلَّا فِي قُرْبَةٍ وَطَاعَةٍ، وَلَا يَكُونُ سَبَبُهُ إِلَّا قُرْبَةً وَطَاعَةً، فَمُسْتَخْرِجُهُ الْأَمْرُ. وَمُصَرِّفُهُ الْأَمْرُ، وَالشَّيْطَانِيُّ بِخِلَافِهِ.

 وَمِنَ الْفُرْقَانِ أَيْضًا: أَنَّ الْوَارِدَ الرَّحْمَانِيَّ لَا يَتَنَاقَضُ، وَلَا يَتَفَاوَتُ وَلَا يَخْتَلِفُ. بَلْ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَالشَّيْطَانِيَّ بِخِلَافِهِ يُكَذِّبُ بَعْضُهُ بَعْضًا. وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.460-461

- وَرُوِّينَا عَنِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: طَلَبُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ.
وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: كُنْتُ بَيْنَ يَدِي مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. فَوَضَعْتُ أَلْوَاحِي وَقُمْتُ أُصَلِّي. فَقَالَ: مَا الَّذِي قُمْتَ إِلَيْهِ بِأَفْضَلَ مِمَّا قُمْتَ عَنْهُ ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ.468

- فَالْحِكْمَةُ إِذًا: فِعْلُ مَا يَنْبَغِي، عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَنْبَغِي، فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَنْبَغِي.476

- (ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) المقصود به القرآن ، وكذلك قوله تعالى : ( ومن يعش عن ذكر الرحمن ) الآية ، و ( ومن أعرض عن ذكري ..) الآية .508-509

- الطمأنينة أعم من السكينة ، وذكر فروقا أخرى .510

- قال - رحمه الله تعالى -  في ذكره لتعاريف المحبة : الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: ( سُكْرٌ لَا يَصْحُو صَاحِبُهُ إِلَّا بِمُشَاهَدَةِ مَحْبُوبِهِ. ثُمَّ السُّكْرُ الَّذِي يَحْصُلُ عِنْدَ الْمُشَاهَدَةِ لَا يُوصَفُ، وَأَنْشَدَ:
فَأَسْكَرَ الْقَوْمَ دَوْرُ الْكَأْسِ بَيْنَهُمْ ... لَكِنَّ سُكْرِي نَشَا مِنْ رُؤْيَةِ السَّاقِي) .
قال ابن القيم - رحمه الله تعالى - : وَيَنْبَغِي صَوْنُ الْمَحَبَّةِ وَالْحَبِيبِ عَنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ، الَّتِي غَايَةُ صَاحِبِهَا: أَنْ يُعْذَرَ بِصِدْقِهِ وَغَلَبَةِ الْوَارِدِ عَلَيْهِ، وَقَهْرِهِ لَهُ. فَمَحَبَّةُ اللَّهِ أَعْلَى وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ تُضْرَبَ لَهَا هَذِهِ الْأَمْثَالُ، وَتُجْعَلَ عُرْضَةً لِلْأَفْوَاهِ الْمُتَلَوِّثَةِ، وَالْأَلْفَاظِ الْمُبْتَدَعَةِ، وَلَكِنَّ الصَّادِقَ فِي خِفَارَةِ صِدْقِهِ.527
- وَهَذَا النُّورُ كَالشَّمْسِ فِي قُلُوبِ الْمُقَرَّبِينَ السَّابِقِينَ، وَكَالْبَدْرِ فِي قُلُوبِ الْأَبْرَارِ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، وَكَالنَّجْمِ فِي قُلُوبِ عَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ. 549