- باب التصحيح والمناسخات وقسمة التركات : هذا الفصل عقده المؤلف للمناسخات، وما أدراك ما المناسخات، أصعب علم المواريث، وقد قال الشيخ منصور البهوتي ـ رحمه الله ـ في شرحه للإقناع: إنه من أصعب علم الفرائض، وما أحسن الاستعانة عليه بالشُّباك لابن الهائب ـ رحمه الله ـ.
- أحال الشيخ - رحمه الله تعالى - على شرحه في البرهانية ، في 266، و 271.
- باب ذوي الأرحام : والقول بعدم التوريث قول ضعيف ـ سبحان الله ـ نحرم الخال أو أبا الأم من مال القريب، ونضعه في بيت المال يأكله أبعد الناس!! مثل هذا لا تأتي به الشريعة، فالصواب المقطوع به أن ذوي الأرحام وارثون، لكن بعد ألا يكون ذو فرض أو عاصب، ولهذا نقول: ذوو الأرحام كل قريب ليس بذي فرض ولا عصبة.
- باب ميراث الحمل والخنثى المشكل : ولهذا أحياناً نمنع الرجل من إتيان زوجته إذا كان حملها يرث الميت، كإنسان تزوج امرأة لها أولاد ممن سبق فمات أحد أولادها، نقول: لا تجامعها؛ لأنه إذا جامعها فسيكون هذا الولد الذي في بطنها أخاً من الأم فيرث، فنقول: لا تجامع حتى تحيض المرأة، إذا حاضت علم أن ليس في بطنها حمل.
- باب ميراث المفقود : الانتظار لمن ظاهر غيبته السلامة تسعون سنة، ولمن ظاهرها الهلاك أربع سنين التحديد بهذا ورد عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ، ولكن لنا أن نقول: ما ورد عن الصحابة قضايا أعيان، وقضايا الأعيان ليست توقيفية؛ لأن قضايا الأعيان يعني أننا ننظر إلى كل مسألة بعينها، وإذا كان قضايا أعيان فهو اجتهاد، فالقول الراجح في هذه المسألة أنه يرجع فيه إلى اجتهاد الإمام، أو من ينيبه الإمام في القضاء، والناس يختلفون، من الناس مَنْ إذا مضى سنة واحدة عرفنا أنه ميت؛ لأنه رجل شهير في أي مكان ينزل يُعرف، فإذا فُقِدَ يكفي أن نطلبه في سنة، ومن الناس من هو من العامة يدخل مع الناس، ولا يعلم عنه إن اختفى لم يفقد، وإن بان لم يؤبه به، هل نقول: إننا ننتظر في هذا الرجل كما انتظرنا في الأول؟ لا؛ لأن هذا يحتاج إلى أن نتحرى فيه أكثر؛ لأنه إنسان مغمور ليس له قيمة في المجتمع، فننتظر أكثر، ثم إذا غلب على الظن أنه ميت حكمنا بموته، وهنا يجب على القاضي أن يبحث عن هذا الشخص.
أيضاً تختلف المسألة باختلاف ضبط الدولة، بعض الدول تكون حدودها قوية لا يمكن أن يدخل عليها أحد، وإذا دخل عليها أحد لا يمكن أن يخرج، فهذه لا نطوِّل مدة الانتظار؛ لأنها محكمة محصورة، وما دامت الأمور تختلف باختلاف أحوال الشخص، وباختلاف السلطان وقوة النظام، فإننا يجب أن نرجع في ذلك في كل مكان وزمان بحسبه، وهذا هو الراجح.
قال في الحاشية عن آثار الصحابة : ومن ذلك ما أخرجه مالك في الموطأ (2/575) عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال: «أيما امرأة فقدت زوجها فلم تدرِ أين هو؟ فإنها تنتظر أربع سنين ثم تعتد أربعة أشهر وعشراً ثم تحل» .
وأخرجه ابن أبي شيبة (4/237) ؛ وعبد الرزاق (12317) عن عمر وعثمان رضي الله عنهما ـ. وأخرج سعيد بن منصور في سننه (1756) ؛ والبيهقي (7/445) عن ابن عباس وابن عمر ـ رضي الله عنهم ـ مثل ذلك، وصحح هذه الآثار الحافظ ابن حجر في الفتح (9/340) ط/دار الريان.
- باب ميراث الغرقى : أولاً نصور المسألة: هؤلاء جماعة ركبوا سفينة، غرقت السفينة وماتوا كلهم، ولا ندري أيهم الأول، فهل يجري التوارث بينهم أو لا؟ المذهب أنه يجري التوارث بينهم إذا لم يختلف الورثة.
القول الثاني: أنه لا توارث بينهم، كل واحد منهم لا يرث الآخر، وإنما يرثه الورثة الآخرون؛ لأن من شرط الإرث أن يوجد الوارث بعد موت المورث ، فلا بد أن نعلم أن الوارث وجد بعد موت المورث، وهنا الشرط غير موجود، إذاً لا توارث، وهذا القول مع كونه أصح وأوفق للأدلة الشرعية هو ـ أيضاً ـ أهون وأقطع للنزاع، على القول الأول سيكون نزاعٌ إذا كان أحد الذين غرقوا يملك الملايين، والثاني يملك ثوبه الذي عليه فقط، فنورث هذا من هذا وهذا من هذا، فالغني هل يرث من الفقير؟ لا؛ لأنه لا شيء له، والفقير يرث من الغني، فيعود مال هذا الغني لورثة الفقير بأي حق؟! فالقول الراجح بلا شك أنه لا توارث بينهم،
وعلى المذهب إن تنازع الورثة في المثال الذي ذكرنا، أخوان أحدهما يملك الملايين والثاني ما عنده شيء، كل واحد منهم له زوجة وأم، ثم تنازعوا فورثة الغني يقولون: إن مورثكم مات قبل مورثنا، وأولئك يقولون بالعكس، فهنا يتساقطون، وهذا فيه شيء من الصحة، ويكون ميراث كل ميت لورثته، وأما إذا لم يختلفوا قالوا: ما نعلم، فنحن لا ندعي أن مورثنا هو الأول أو الثاني، فحينئذٍ يرث كل واحد منهما من الآخر من تلاد ماله ـ أي: من قديمه ـ لا مما ورثه منه؛ لأننا لو قلنا: مما ورثه منه، صار دوراً، فيرث هذا مما ورثه منه، ثم ذاك يرث مما ورث منه، وهكذا... ومع هذا نحن نقول ونرجح: أنه لا توارث بينهما، وأنه لا حق لأحدهما في مال الآخر؛ لأن الشرط وهو وجود الوارث بعد موت المورث لم يتحقق، وهذا الذي اخترناه هو مذهب الشافعي ـ رحمه الله ـ وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق