مختارات من : جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام - صلى الله عليه وسلم - لابن القيم رحمه الله تعالى
وهو كتاب فرد في معناه، لم نُسْبق إلى مثله في كثرة فوائده وغزارتها. بيَّنَّا فيه الأحاديث الواردة في الصَّلاة والسَّلام عليه - صلى الله عليه وسلم -، وصحيحها من حسنها ومعلولها وبَيَّنَّا ما في معلولها من العلل بيانًا شافيًا، ثمَّ أسرار هذا الدعاء وشرفه، وما اشتمل عليه من الحكم والفوائد، ثمَّ في مواطن الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - ومحالها، ثمَّ الكلام في مقدار الواجب منها، واختلاف أهل العلم فيه، وترجيح الراجح وتزْييف المزيَّف، ومَخْبَر الكتاب فوق وَصْفه، والحمد لله ربِّ العالمين .
ولهذا كان القول الصحيح، وهو منصوص الإمام أحمد رحمه الله: أن الصَّدَقة تَحْرُم عليهِنَّ.
خديجة رضي الله عنها ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين في الأصح.
ألف المصنف كتاب الروح قبل هذا.
فالصدق أن لا ينقسم طلبك، والإخلاص أن لا ينقسم مطلوبك، الأول: توحيد الطلب، والثاني: توحيد المطلوب.
وأكثر ما يأتي فعيلًا في أسمائه تعالى بمعنى فاعل؛ كسميع، وبصير، وعليم، وقدير، وعليٍّ، وحكيم، وحليم، وهو كثير. وكذلك فعول؛ كغفور، وشكور، وصبور.
ومثال ما يترجح فيه أحد الألفاظ حديث الاستخارة، فإن الراوي شك هل قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
٣٢٤ - "اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري"، أو قال: "وعاجل أمري وآجله"، بدل: "وعاقبة أمري"، والصحيح اللفظ الأول، وهو قوله: "وعاقبة أمري" لأن عاجل الأمر وآجله هو مضمون قوله: "ديني ومعاشي، وعاقبة أمري" فيكون الجمع بين المعاش وعاجل الأمر وآجله تكرارًا، بخلاف ذكر المعاش والعاقبة، فإنه لا تكرار فيه؛ فإن المعاش هو عاجل الأمر، والعاقبة آجله.
٣٢٥ - ومن ذلك ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "مَن قَرَأَ عَشْر آياتٍ مِنْ أوَّلِ سُوْرَة الكَهْفِ عُصِمَ مِنْ فِتنة الدَّجَّال"، رواه مسلم . واختلف فيه، فقال بعض الرواة : "من أول سورة الكهف"، وقال بعضهم: "من آخرها"؛ وكلاهما في الصحيح"، لكن الترجيح لمن قال: "من أول سورة الكهف" لأن في "صحيح مسلم" من حديث النَّوَّاس بن سَمْعان في قصة الدجال:
٣٢٦ - "فَإذَا رأيْتُمُوه فَاقْرَأوا عَلَيْه فَوَاتِحَ سُوْرَة الكَهْفِ" ولم يُخْتلف في ذلك، وهذا يدل على أنَ مَنْ روى العشر من أوِّل السورة حفظ الحديث، ومن روى من آخرها لم يحفظه.
أن حديث المسيء هذا قد جعله المتأخرون مستندًا لهم في نفي كل ما ينفون وجوبه، وحمَّلُوه فوق طاقته، وبالغوا في نفي ما اختلف في وجوبه به . فمن نفى وجوب الفاتحة احتجَّ به، ومن نفى وجوب التشهد احتجَّ به، ومن نفى وجوب التسليم احتج به، ومن نفى وجوب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - احتج به، ومن نفى وجوب أذكار الركوع، والسجود، وركني الاعتدال احتج به، ومن نفى وجوب تكبيرات الانتقال احتج به. وكل هذا تساهل واسْتِرْسَال في الاستدلال، وإلا فعند التحقيق لا ينفي وجوب شيء من ذلك، بل غايته أن يكون قد سكت عن وجوبه ونفيه، فإيجابه بالأدلة الموجبة له لا يكون معارضًا به.
مسألة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة (وأما وجوبها فلم نرَ فيه دليلًا يجب المصير إليه و إلى مثله. والله أعلم).
وادعى ابن جرير فيه الإجماع. وهذا على أصله، فإنه إذا رأى الأكثرين على قول، جعله إجماعًا يجب اتباعه.
العشرون: أنها لسب لتذكر العبد ما نَسِيَه.
الثانية والعشرون: أنها سبب لنفي الفقر.
الحادية والثلاثون: أنها سبب للبركة في ذات المصلي وعمله وعمره، وأسباب مصالحه، لأن المصلي داعٍ ربه أن يبارك عليه وعلى آله، وهذا الدعاء مستجاب، والجزاء من جنسه.
وهو أنواع:
- ذكْرُه بأسمائه، وصفاته، والثناء عليه بها .
- الثاني: تسبيحه وتحميده وتكبيره وتهليله وتمجيده، وهو الغالب من استعمال لفظ الذِّكر عند المتأخرين .
- الثالث: ذِكْرُه بأحكامه وأوامره ونواهيه، وهو ذِكْرُ أهل العلم، بل الأنواع الثلاثة هي ذِكْرُهم لربِّهم.
- ومن أفضل ذِكْرِهِ ذِكْرُهُ بكلامه، قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤)} [طه: ١٢٤]، فذِكْرُهُ هنا: كلامُه الذي أنْزله على رسوله، وقال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨)} [الرعد: ٢٨].
- ومن ذِكْره سبحانه: دعاؤه واستغفاره والتَضرُّع إليه.
فهذه خمسة أنواع من الذِّكْر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق