الجمعة، 24 مايو 2013

قصيدة المتعلم المتقاعد

قصيدة مؤثرة لمعلم مصري تقاعد، قرأتها قبل بضع سنين ووجدتها الآن..

 المعلم المتقاعد

 طلقتني وظيفة التعليم == ا لعجز ولا لفعل ذميمِ

نبذتني نبذ النواة كأني == لم أكن مخلصا لها من قديمِ

ورمت بي إلى البطالة ألهو== بفسيح من الخيال عقيمِ

وكأني ما كنت أخدم جيلا== يتمنى الحياة فوق النجومِ

...
وكأني ما كنت أبذل جهدا== وكأني ما كنت أوفى حميمِ

وكأني ما كنت أصنع شيئا == به تغزو العقول دنيا العلومِ

نسيت أنني قضيت شبابي == في دفاع مشرف أو هجومِ

أسهر الليل باحثا عن بذور == تنبت الزهر في رياض الفهومِ

لم تدع خدمة الطفولة مني == غير شيخ يدب فوق الأديمِ

ولكم عشت في الحياة مضيفا == كل يوم همومها لهمومي

أقطع الليل والدفاتر حولي == جمعت بين جيد وسقيمِ

أقتل الوقت باحثا عن عيوب == وضعت بين أحرف ورقومِ

فإذا سرت بين صف وصف == هيج الخط زفرتي وغمومي

لا تسلني عن اعوجاج حروف == وعن الطاء صورت مثل ميمِ

وعن الجمع حل موضع طرح == وعن الضرب صار كالمقسومِ

كم رأت مقلتي الغرائب تبدو == وترى في خرائط ورسومِ

فإذا النيل في مكان فرات == وأثينا بموضع الخرطومِ

وإذا الترك من سلالة حام == وجديسٌ تحدرت من تميمِ

رغم هذا ورغم ما كنت ألقى == في سبيل التهذيب والتقويمِ

ودعتني وقالت: اليومَ دعني == وابتعد عن معاهدي ورسومي

لم تعد غير أشيب يتهيّا = للمصير المقدر المحتومِ

فابتعد أيها المسن ودعني == لقوي من الشباب وسيمِ

قلت: يا من قضيتُ زهرة عمري == بين أحضانها أداوي كلومي

إن أكن قد قضيت ستين عاما == في حياة تذيب أقوى الجسومِ

إنما العيش والحياة كفاح == لا فراش مهيأ لنؤومِ

ولقد آن أن أعيش وأحيا == خالي البال من جميع الهمومِ

فأنا اليوم كالهزار طليق == جلبته الربا لشم النسيمِ

أطلق الله في الفضاء جناحيـ == ـه فأضحى يطوف فوق الغيومِ

إن أكن راحلا فأحمد ربي == أنني سرت في الطريق القويمِ

هذه سنة الحياة فصول == تتوالى وحكمة من حكيمِ
صفاء الدين محمد أحمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق