الجمعة، 7 يونيو 2013

الشهر الحادي عشر، 2011

- هذا منقول ( قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وَكُلُّ مَا خَرَجَ عَنْ دَعْوَةِ الإِسْلامِ وَالْقُرْآنِ : مِنْ نَسَبٍ أَوْ بَلَدٍ أَوْ جِنْسٍ أَوْ مَذْهَبٍ أَوْ طَرِيقَةٍ ؛ فَهُوَ مِنْ عَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ . اهـ .

والمقصود العصبية لهذه الأشياء المذكورة ، وليس الانتساب ولا معرفة النسب من ذلك .
حَتَّى يَكُونَ الْمُؤْمِنُونَ كَمَا أَمَرَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مُعْتَصِمِينَ بِحَبْلِهِ وَكِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ . فَإِنَّ كِتَابَهُمْ وَاحِدٌ وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ وَنَبِيُّهُمْ وَاحِدٌ وَرَبُّهُمْ إلَهٌ وَاحِدٌ لا إلَهَ إلا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ .

وذكر ابن القيم الحكمة من ذكر هن الأب، فقال في زاد المعاد: ذكر هن الأب لمن تعزى بعزاء الجاهلية فيقال له: اعضض هن أبيك، وكان ذكر هن الأب ها هنا أحسن تذكيرا لهذا المتكبر بدعوى الجاهلية بالعضو الذي خرج منه، وهو هن أبيه، فلا ينبغي له أن يتعدى طوره. انتهى.

 وما هذا إلا لشدة تحريم التعصب للقوميات الجاهلية، قال الشنقيطي في أضواء البيان: فانظر كيف سمى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك النداء « عزاء الجاهلية » و...أمر ان يقال للداعي به «اعضض على هن أبيك» أي فرجه، وأن يصرح له بذلك ولا يعبر عنه بالكناية. فهذا يدل على شدة قبح هذا النداء، وشدة بغض النبي صلى الله عليه وسلم له.... واعلم أن رؤساء الدعاة إلى نحو هذه القومية العربية: أبو جهل، وأبو لهب، والوليد بن المغيرة، ونظراؤهم من رؤساء الكفرة. وقد بين تعالى تعصبهم لقوميتهم في آيات كثيرة. كقوله: قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا {المائدة: 104}، وقوله: قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا {البقرة: 170}، وأمثال ذلك من الآيات . 
واعلم انه لا خلاف بين العلماء كما ذكرنا آنفا في منع النداء برابطة غير الإسلام. كالقوميات والعصبيات النسبية ، ولاسيما إذا كان النداء بالقومية يقصد من ورائه القضاء على رابطة الإسلام وإزالتها بالكلية. فإن النداء بها حينئذ معناه الحقيقي : أنه نداء إلى التخلي عن دين الإسلام ، ورفض الرابطة السماوية رفضا باتا ، على أن يعتاض من ذلك روابط عصبية قومية مدارها على أن هذا من العرب، وهذا منهم أيضا مثلا. فالعروبة لا يمكن أن تكون خلفا من الإسلام . واستبدالها به صفقة خاسرة..
وقد بين الله جل وعلا في محكم كتابه : أن الحكمة في جعله بني آدم شعوبا وقبائل هي التعارف فيما بينهم . وليست هي أن يتعصب كل شعب على غيره ، وكل قبيلة على غيرها . قال جل وعلا: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ {الحجرات:13 } فاللام في قوله {لتعارفوا} لام التعليل، والأصل لتتعارفوا، وقد حذفت إحدى التاءين . فالتعارف هو العلة المشتملة على الحكمة لقوله: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا }" انتهى.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة: قال أهل العلم: يجوز التصريح باسم العورة للحاجة والمصلحة... كما في حديث أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا. انتهى، والحديث رواه أحمد والنسائي في الكبرى وصححه الألباني وحسنه الأرناؤوط.
وقال في مجموع الفتاوى: ومعنى قوله (من تعزى بعزاء الجاهلية) يعنى يعتزى بعزواتهم وهي الانتساب إليهم في الدعوة مثل قوله ...يالقيس ياليمن ويالهلال ويالاسد فمن تعصب لأهل بلدته أو مذهبه أو طريقته أو قرابته أو لأصدقائه دون غيرهم كانت فيه شعبة من الجاهلية حتى يكون المؤمنون كما أمرهم الله تعالى معتصمين بحبله وكتابه وسنة رسوله فإن كتابهم واحد ودينهم واحد ونبيهم واحد وربهم إله واحد لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم واليه ترجعون". انتهى ).

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق